لا خيارات أمام حكومة السوداني بملف سلاح الفصائل العراقية

العربي الجديد

لا خيارات أمام حكومة السوداني بملف سلاح الفصائل العراقية

  • منذ 7 ساعة
  • العراق في العالم
حجم الخط:

جاءت تصريحات قيس الخزعلي، زعيم جماعة "عصائب أهل الحق"، أحد أبرز الفصائل العراقية المسلحة المرتبطة بطهران، مساء الأحد الماضي، بشأن رفض أي خطوة لتسليم سلاح الفصائل العراقية لحكومة محمد شيّاع السوداني، أو جعل هذا السلاح تحت سيطرة الحكومة، لتؤكد صحة تسريبات سابقة كانت حصلت عليها "العربي الجديد"، بشأن فشل مفاوضات قادها السوداني مع فصائل مسلحة عدّة، وتهدف في النهاية إلى استيعاب الضغوط الأميركية على العراق بشأن الجماعات المرتبطة بإيران، عبر تفكيكها أو دمجها في قوات الأمن النظامية.

وأكد الخزعلي، زعيم إحدى أبرز الجماعات المسلحة المدعومة من طهران، الأحد، في مقابلة تلفزيونية، رفضه دعوات تسليم سلاح الفصائل العراقية المسلحة، الذي تسعى حكومة بغداد إلى تنفيذه استجابة لضغوط أميركية، زاعماً أن هذا السلاح "منضبط" وأن العراق في حاجة إليه. وقال الخزعلي، الذي يتزعم كتلة سياسية مشاركة في الحكومة ضمن تحالف "الإطار التنسيقي"، إنه "لا يوجد شيء اسمه حلّ الحشد الشعبي"، الإطار المسلح الذي تنضوي داخله معظم الفصائل العراقية المدعومة من طهران، مبيناً أن "سلاح الفصائل لم يستخدم في النزاعات الداخلية، وهو سلاح منضبط ويدافع عن سيادة وحماية الأراضي العراقية".

قيادي في "الإطار التنسيقي": الفصائل تخشى أحداثاً داخلية في الصيف، وتسليم السلاح يعني مقتل الدولة والفصائل معاً

وأضاف في المقابلة التي أجراها معه التلفزيون العراقي الرسمي، أن "الدعوات إلى تسليم سلاح الفصائل محاولة لتجريد العراق من السلاح الاحتياطي"، وأن هذا السلاح "هو الذي حمى الدولة العراقية في عام 2014، في وقت ما كان هناك حشد وتوجد حالة انهيار في الجيش"، في إشارة إلى اجتياح تنظيم داعش في ذلك العام لمساحات واسعة من الأراضي في العراق (وسورية). واعتبر أنه "لو كانت هناك ضمانات وتعهدات بوجود أمان واطمئنان وعدم وجود خطر مستقبلي يفرض الحاجة إلى هذا السلاح، فسأقبل وقتذاك"، مشدداً على أن "الخوف موجود والشعور بالخطر موجود، ومن حقي أن أشعر بالأمان بوجود السلاح"، وأضاف: "إذا وصلت الدولة العراقية إلى مرحلة أن تمتلك قرارها السيادي من دون التأثر بأي ضغوط أجنبية، عندها يكون الكلام عن هذا الموضوع مشروعاً، وإذا استطاعت الدولة العراقية أن تمتلك منظومة دفاع جوي تدافع بها عن سيادتها في سمائها، حينها نتكلم في هذا الملف (سلاح الفصائل)"، وتساءل الخزعلي: "إسرائيل تستطيع الآن أن تخترق أجواء العراق متى وكيف ما تشاء، وتضرب أي هدف، هل هناك شيء يمنعها؟ هل العراق يستطيع أن يدافع؟ كما أن تركيا تخترق أجواء العراق في شماله، كيف ووقت ما تشاء وتضرب أي هدف تشاء".

وكانت "العربي الجديد" قد نقلت في 26 فبراير/شباط الماضي عن مصادر مطلعة في بغداد، تأكيدها الفشل في التوصل لأي اتفاق بين الحكومة والفصائل، بعد رفض الأخيرة الاندماج مع المؤسسة الأمنية النظامية أو تسليم سلاحها ووضعه تحت إدارة الدولة، وقال مسؤول في "هيئة تنسيقية المقاومة"، التي تضم الفصائل العراقية المسلحة المدعومة من طهران، وأبرزها كتائب حزب الله والنجباء وسيد الشهداء والبدلاء والأوفياء، حينها، إنه "خلال الفترة الماضية كانت هناك حوارات بين الحكومة وممثلين عن الهيئة"، مبيناً أن الفصائل العراقية "أبلغت الحكومة بردّها، وهو عدم التخلي عن السلاح بأي شكل من الأشكال، كما رفضت فكرة اندماجها".

فشل خطة السوداني

وكشفت تصريحات الخزعلي مجدداً، فشل خطة السوداني التي أعلن عنها في 21 يناير/كانون الثاني الماضي، بأنه قد بدأ العمل على دمج الفصائل العراقية المسلحة ضمن الأطر القانونية والمؤسساتية، فيما أكد وزير الخارجية فؤاد حسين بالتزامن أن بلاده بدأت حواراً مع الفصائل، يهدف إلى إقناعها بالتخلي عن السلاح والاندماج في قوات الأمن النظامية، وفقاً لمقابلة صحافية سابقة.

وتواصلت "العربي الجديد"، مع أحد قادة تحالف "الإطار التنسيقي"، وقال إن "الوقت لم يحن لتسليم سلاح الفصائل إلى الدولة، لأن الدولة من وجهة نظر هذه الفصائل، ما تزال ضعيفة، وهي خاضعة للقرارات الأميركية، بالتالي فإن تسليم السلاح يعني مقتل الدولة والفصائل معاً"، وأوضح القيادي لـ"العربي الجديد"، مُشترطاً عدم الكشف عن اسمه، أن "السلاح يمثل الروح التي تعيش عبرها هذه الفصائل، وهي تتنفس الحياة السياسية والاقتصادية من خلال السلاح، ناهيك عن كونه أداة من أدوات أفكارها العقائدية التي تخشى أن تُهدّد من القوى الخارجية، وأبرزها أميركا والكيان الإسرائيلي، فهي تدافع عن نفسها ووجودها بهذا السلاح"، وفق تعبيره.

وأكمل القيادي أنّ "موقف الخزعلي لا يعكس وجهة نظره تجاه الفصيل الذي يقوده وهو عصائب أهل الحق فحسب، بل إنّه نطق بالنيابة عن كل الفصائل العراقية، ومنها كتائب حزب الله وسيد الشهداء والنجباء وغيرها، وهو يعرف ما يقول، ولا يمثل تعليقه تحدياً للحكومة الحالية، بل إنه موقف نهائي حتى وإن تبدلت الحكومات"، وأشار إلى أن "الفصائل العراقية تخشى تحديات داخلية كثيرة، من بينها احتمالات تجدد الاحتجاجات الشعبية خلال الصيف المقبل، وعودة التيار الصدري إلى العملية السياسية، بالإضافة إلى التلويح بالسلاح أثناء الخلافات السياسية".

ولفت القيادي إلى أن "المخاطر الخارجية أيضاً كثيرة تجاه الفصائل، وهي تريد الاحتفاظ به، والمواجهة به تجاه أي عدوان قد يستهدفها من الولايات المتحدة أو الكيان الإسرائيلي، كما أنها لا تثق بالحكومات العراقية، لأنها تعرف أنها منزوعة السيادة ومن دون صلاحيات كبيرة، وأن الأوامر الأميركية تهددها باستمرار"، وأكد أن الخزعلي "وكل قادة فصائل المقاومة، لن يسلموا أي أسلحة إلى الحكومة الحالية أو حتى الحكومات المقبلة، لكن هذه الفصائل قد تصل إلى محطات هدنة وتهدئة، طالما أن الأميركيين أو الإسرائيليين لا يستهدفون العراق أو أطرافاً أخرى من محور المقاومة".

قيادي في "الإطار التنسيقي": الفصائل تخشى أحداثاً داخلية في الصيف، وتسليم السلاح يعني مقتل الدولة والفصائل معاً

وفي شهر فبراير الماضي، أكد النائب الأول لرئيس مجلس النواب العراقي، محسن المندلاوي، أن تحقيق الاستقرار الداخلي عبر حصر السلاح بيد الدولة، يُعدّ أولوية وطنية، مشيراً إلى أن حلّ الفصائل العراقية المسلحة ممكن، وإن كان يتطلب وقتاً بسبب تعقيدات الملف وتحول التركيز نحو المصالح السياسية والاقتصادية، وقال المندلاوي في حديث صحافي، إن "العراق يعمل على تعزيز دوره الإقليمي واستقلاله الدبلوماسي، وإن إيران جارة تجمعنا بها علاقات تاريخية، لكن علاقاتنا مع الدول العربية ومساعينا لتقوية سيادتنا أمر منفصل"، موضحاً أن "بلاده لن تتأثر سلباً بتراجع النفوذ الإيراني في المنطقة"، وأكد أن "الأولوية بالنسبة إلى العراق تحقيق توازن بين مصالحه الوطنية وإقامة علاقات مستقلة تخدم استقراره وأمنه".

خيار التصعيد مع الفصائل العراقية

وتعليقاً على مسألة نزع السلاح من يد الفصائل العراقية المسلحة، لفت أستاذ الدراسات الأمنية في معهد الدوحة للدراسات العليا، مهند سلوم، في حديث مع "العربي الجديد"، إلى أن "تعامل الحكومة العراقية مع الرفض الذي صدر على لسان الخزعلي، يعتمد على عوامل داخلية وخارجية متعددة، منها أنها قد تتعامل مع هذا الرفض عبر المسارات السياسية والأمنية، إما من خلال التفاوض مع هذه الفصائل في محاولة لدمجها ضمن المؤسسات الرسمية، أو عبر تصعيد الضغط الأمني في حال اعتُبر الرفض تهديداً لسيادة الدولة".

وأضاف سلوم أن "السيناريوهات المحتملة تشمل استمرار الوضع الراهن مع محاولات احتواء الفصائل، أو تصاعد التوترات بين هذه الفصائل والدولة، وربما حتى نشوء أزمة داخلية إذا فُرضت إجراءات صارمة لنزع السلاح"، موضحاً أن "موقف الرفض، يمكن اعتباره تحدياً للدولة العراقية، خصوصاً إذا ما قرّرت الحكومة فرض سيادتها بشكل أكثر صرامة"، كما يمكن اعتباره، من وجهة نظره، "اختباراً للموقف الأميركي، إذ إنّ واشنطن تراقب مدى قدرة بغداد على فرض سلطتها، خصوصاً في ظلّ الدعم الإيراني لبعض هذه الفصائل".
وفي ما يتعلّق بالعقوبات الأميركية، توقع سلوم أن "تستهدف شخصيات وكيانات مرتبطة بهذه الفصائل عبر توسيع العقوبات الاقتصادية والمالية، وربما اتخاذ إجراءات عسكرية غير مباشرة، مثل زيادة دعم القوات العراقية لضبط الأمن، أو استهداف بعض القيادات عبر عمليات نوعية (قتل مستهدف) إذا جرى تهديد المصالح الأميركية في العراق".

وترفض الفصائل العراقية المسلحة المساس بسلاحها، مع العلم أنها تمتلك ترسانة ضخمة من الأسلحة، بما فيها الطائرات المسيّرة والصواريخ التي استهدف بعضُها خلال العامين الماضيين القواعدَ العراقية التي تستضيف القوات الأميركية والأراضي الفلسطينية المحتلة، إسناداً لعملية "طوفان الأقصى".



عرض مصدر الخبر



تطبيق موسوعة الرافدين




>