الأمن العراقي يتصدى لـ"الحرب الباردة" والشائعات
تنفذ وزارة الداخلية العراقية خطة جديدة لمحاربة الشائعات انطلقت على إثر تسارع الأحداث الأمنية في المنطقة، مؤكدة أنها تركز على قطع الطريق أمام من يحاول إيصال "الحرب الباردة" إلى العراق. وبالتوازي مع الأحداث المتسارعة في سورية، وتمكّن فصائل المعارضة السورية من السيطرة، أمس الأحد، على العاصمة دمشق، وإرغام رئيس النظام السوري بشار الأسد على الفرار إلى خارج البلاد، وسعي الحكومة العراقية إلى تأمين حدودها مع سورية، تضاربت الأخبار والمواقف الشعبية في العراق بشأن مصير البلاد وإمكانية جرّها إلى الحرب.
وباتت مواقع التواصل الاجتماعي في العراق مصدر قلق للحكومة، واعتبرت بعض ما ينشر فيها تهديداً للأمن الداخلي، ما دفعها إلى التوجيه بالتصدي للشائعات ومحاربتها. وبدأت وزارة الداخلية العراقية، بالتعاون مع الجهات المسؤولة الأخرى، بمراقبة صفحات التواصل الاجتماعي، وما ينشره الناشطون والمدونون العراقيون من أخبار وتوقعات تصنّف على أنها "شائعات" ولا تستند إلى مصادر رسمية موثوقة، الأمر الذي قد يحدّ من حرية التعبير.
ووفقاً لمدير قسم الشائعات في وزارة الداخلية العراقية، العميد نبراس محمد علي، فإنه "منذ الأحداث الإقليمية التي تتداول وأصبحت هناك حرب إعلامية باردة، فإن قسم محاربة الشائعات في الوزارة وضع خطة تتمثل في عملية تكثيف الأخبار الحقيقية والانتصارات، وأيضاً الإجراءات الأمنية التي تتخذ من قبل القوات الأمنية ووزارة الداخلية لتأمين الحدود، وأيضا لتهدئة الأوضاع داخل البلاد". وأضاف، في تصريح لوكالة الأنباء العراقية الجمعة الماضي، أن "هناك إجراءات للتثقيف ورصد الأخبار المضللة والتنسيق مع الجهات المعنية، لكي يكون هناك تقويض لعملية سريان الشائعات وتفنيدها ومنع انتشارها"، مشدداً على "ضرورة قطع الطريق أمام المغرضين الذين يريدون أن يوصلوا الحرب الباردة إلى البلاد". وتابع أن "خلية الإعلام الأمني والإعلام الوطني يرفضان الأخبار التي تروج الشائعات"، وأشار إلى أن "هناك جولات مستمرة من قبل قسم محاربة الشائعات على الصعيد الميداني وعلى الصعيد المؤسساتي والمدارس، وأيضاً هناك استغلال للمناسبات الوطنية والمناسبات الدينية، (ولا بد من) تقويض الشائعات وثقافة التدقيق في الأخبار وعدم الانجرار وراء الأخبار المضللة، وأيضاً استسقاء الأخبار من مصادرها الموثوقة".
وشدد على أنه "بحسب التطمينات من قبل القائد العام للقوات المسلحة ومن وزيري الداخلية والدفاع، فإن إجراءات اتخذت لتأمين حدود العراق والجبهة الداخلية، وهناك جهود تبذل للابتعاد عن كل ما يسيء إلى البلاد"، داعياً المواطنين إلى "التعاون مع القوات الأمنية وعدم تصديق الأخبار من الأعداء بهدف خلق فجوة ورعب داخل مجتمعنا".
ووجهت الوزارة المؤسسات الحكومية، بما فيها التعليمية وأئمة المساجد، بالعمل على التحذير من تلك الشائعات وخطورتها على السلم المجتمعي. كما وضعت خططاً لإقامة ندوات وورش تثقيفية داخل مؤسسات الدولة للتحذير من الشائعات. وتتعاون السلطات القضائية مع هيئة الإعلام والاتصالات، والأجهزة الأمنية على متابعة تلك الشائعات، ومحاسبة المروجين لها، إلا أن الجهات المسؤولة لم تكشف عن العقوبات التي سيتعرض لها المتهمون بالشائعات.
من جهة ثانية، حذّر الناشط المدني العراقي، سنان العلواني، من تأثير تلك الحملات التي تفتقد للضوابط على حرية التعبير، وقال لـ"العربي الجديد" إن "تلك الحملات عانينا منها في فترات الحكومات السابقة، وهي تفتقد للضوابط والمحددات، فكلمة الشائعات فضفاضة لا حدود لها، أي أن الداخلية لها أن تدرج أي منشور ضمن تلك الشائعات وتطبق عليه أحكاما قضائية". وشدد على ضرورة أن تحدد الوزارة المقصود بالشائعات، "لا أن تطلق التهديدات من دون ضوابط"، معتبراً أن "خطة الوزارة حالياً تشكل ضغطاً على حرية التعبير، وجميعنا كناشطين ومدونين نخشى من تلك الخطة مجهولة الضوابط القانونية".
على مدى سنوات عدة عملت الحكومات العراقية على متابعة ومراقبة ما ينشر عبر منصات التواصل الاجتماعي، وتعرّض الكثير من العراقيين إلى عقوبات بالسجن وأحكام قضائية بتهم التحريض والترويج لشائعات أو فكر معين. وسبق أن اتخذت السلطات الأمنية العراقية خطوات لملاحقة مروجي الشائعات ميدانياً وإلكترونياً (عبر مواقع التواصل الاجتماعي)، ملوحة بعقوبات بالسجن وغرامات مالية تطاول كل من يروج لتلك الشائعات، أو الأخبار غير الصحيحة، كما اتخذت إجراءات وعقوبات قانونية ضد من أسمتهم بـ"المحرضين" على الطائفية، والمروجين لها عبر صفحات التواصل الاجتماعي، من خلال اللجنة القضائية المشكلة لتشخيص الخطاب الذي يدعو إلى الكراهية والطائفية.