انخفاض الدينار العراقي قبل أسبوع من إغلاق منصة بيع الدولار
تشهد الأسواق العراقية منذ أيام انخفاضا ملحوظا في قيمة الدينار العراقي أمام الدولار الأميركي، وسط تأكيدات مختصين ماليين عراقيين أن هذا الارتفاع سببه قرب إغلاق منصة بيع العملات الأجنبية وتحديدا الدولار من جانب البنك المركزي العراقي ضمن جملة من إصلاحات كان قد تعهد بها مطلع العام الماضي.
ومنذ نحو 18 عاماً، ينفذ البنك المركزي العراقي عمليات بيع الدولار مقابل الدينار العراقي بهدف الحفاظ على قيمة ثابتة للدينار، وتخفيف أحمال المضاربة في السوق، لكن جملة من الأسباب دعته لإيقاف ما يُعرف محليا بـ"مزاد الدولار"، من بينها عمليات تهريب الدولار لدول الجوار، وجرائم غسل أموال ضخمة، تقول واشنطن إنها تصب بصالح جهات إيرانية أبرزها الحرس الثوري الإيراني.
واليوم الخميس، شهد انخفاضا في قيمة الدينار العراقي مقابل الدولار، بواقع 1520 دينارا مقابل الدولار الواحد، بعدما حافظ الفترة الماضية على قيمة تتراوح بين 1480 و1500 دينار للدولار في السوق الموازي، بينما تبلغ القيمة المحددة للدينار 1320 من خلال البنك المركزي.
في هذا الصدد، يقول عضو اللجنة المالية في البرلمان العراقي محمد راضي لـ"العربي الجديد" إن "انخفاض قيمة الدينار في السوق الموازي، وليس القيمة الرسمية له، وسببه هو قرب إيقاف منصة بيع الدولار من قبل البنك المركزي، فهذه الخطوة سببت تخوفا في السوق المحلي، مما دفع بالتجار الى زيادة الطلب على الدولار من السوق الموازي، الأمر الذي أدى الى ارتفاعه".
وتوقع أن يكون الارتفاع مؤقتا لفترة وذلك "بعد التعوّد على إيقاف المنصة، واعتماد الأمر الطبيعي وهو الذهاب نحو المصارف والبنوك الرسمية لإجراء الحوالات الخارجية التجارية"، مؤكدا أن "البنك المركزي العراقي، وسّع سلة العملات الأجنبية التي يمكن التعامل بها وانهاء الاعتماد على الدولار فقط، وهذا التنوع سوف يخفض سعر صرف الدولار في السوق الموازي ويرفع قيمة الدينار العراقي مستقبلاً، ومهام البنك المركزي سوف تختصر خلال الأيام المقبلة فقط على مراقبة ومتابعة عمل المصارف المحلية المشمولة بالحوالات التجارية الخارجية المباشرة، وليس بيع الدولار إلى التجار".
في المقابل، قال المستشار المالي والاقتصادي لرئيس الوزراء محمد شياع السوداني، محمد صالح، في تصريحات صحافية اليوم الخميس، إن "الفارق بين سعري الصرف في السوق مستقر بالأساس لأسباب تتعلق بالسيطرة على بيع الدولار النقدي من المنافذ القانونية للمسافرين وبشكل منظم ويخضع لقاعدة دقيقة من الامتثال والتدقيق، فضلاً عن قدرة المسافر في الحصول على المبالغ الأخرى المسموح بها من خلال بطاقات الدفع بأشكالها كافة، وبمبالغ كافية ومريحة بسعر صرف 1320 دينارا لكل دولار".
وأضاف صالح أن "من المتوقع أن السوق وبسبب انتهاء منصة التحويل الخارجي السابقة والانتقال إلى الآليات الجديدة في تعزيز العملة الأجنبية لسد احتياجات المصارف من النقد الأجنبي لتمويل التجارة الخارجية، قد رافقتها موجة من التضليل في المعلومات وسوء الفهم والتشويش استغلتها السوق الموازية والمضاربين للتربح السريع".
واعتبر المستشار المالي والاقتصادي لرئيس الوزراء أن هذا الارتفاع "يسمى بفقاعة السوق المؤقتة التي تبنى على تكهنات غير واقعية وتزول بمرور الوقت، ما يقتضي الانتباه من ظاهرة الاستغلال والتربح الذي تولده معلومات زائفة لا أساس لها".
ومطلع عام 2023، أعلن العراق اعتماد منصة إلكترونية من أجل مراقبة حركة بيع الدولار وعمليات غسل الأموال، وذلك بعد تحذيرات أطلقها مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي)، إضافة إلى معاقبة وزارة الخزانة العديد من المصارف المحلية لتورطها في أعمال مشبوهة. وذكر بيان للبنك أنه "تقرر توسيع قنوات التحويل الخارجي للمصارف المحلية، ليشمل عملات جديدة هي: الدينار الأردني والريال السعودي، والسماح للمصارف العراقية بتمويل التجارة مع تركيا باليورو بعد أن كان مقتصراً لها استخدامه مع دول الاتحاد الاوربي، فضلاً عن التحويلات المتاحة بعملات الدولار الأميركي والدرهم الإماراتي واليوان الصيني والروبية الهندية".
وتسبب قرارات سابقة لوزارة الخزانة الأميركية بفرض عقوبات على 18 مصرفاً عراقياً بسبب تعاملات مالية مع إيران وأخرى مرتبطة بعمليات غسل أموال، رد فعل سريعاً داخل العراق، حيث أدت إلى تراجع قيمة الدينار، وتوافد المودعين إلى البنوك المعاقبة لسحب أموالهم المودعة بالدولار. ومع وجود احتياطيات تزيد على 113 مليار دولار في الولايات المتحدة، يعتمد العراق كثيراً على حسن نية واشنطن في ضمان عدم تعرض عائدات النفط وأمواله لعقوبات أميركية.
ورفضت الحكومة الأميركية في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، طلباً عراقياً للحصول على مبلغ مليار دولار نقداً من البنك الاحتياطي الفيدرالي من الأموال العراقية الناتجة من الإيرادات النفطية، وذلك لمعارضتها جهود كبح التداول المفرط للدولار، ووقف التدفقات النقدية غير المشروعة إلى الدول المحظورة من قبل الخزانة الأميركية.