جهود البارزاني مستمرة لتوحيد القوى الكردية في سورية
تواصل قيادة إقليم كردستان شمالي العراق، جهود الوساطة لتوحيد القوى الكردية في سورية على ضوء التطورات الحاصلة منذ الثامن من ديسمبر/كانون الأول من العام الماضي، بعد إسقاط نظام بشار الأسد، وتولي الإدارة السورية الجديدة مرحلة الحكم الحالية في سورية. وفي هذا الإطار وصفت وسائل إعلام كردية اللقاء الذي عقد، الخميس الماضي في إربيل، بين زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود البارزاني، وبين قائد "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) مظلوم عبدي بـ"التاريخي". وكتب عبدي على منصة إكس، أول من أمس الجمعة، أنه ناقش في اللقاء "عملية التغيير التي تمر بها سورية"، مشيراً إلى أنه تم تأكيد "أن موقف الأكراد في سورية يجب أن يكون موحداً، وأن الحوار مع دمشق يجب أن يحمي حقوق الشعب الكردي بطريقة سلمية".
ولم تكن العلاقة بين إقليم كردستان - العراق و"قسد" التي تشكل وحدات "حماية الشعب" الكردية ذراع حزب الاتحاد الديمقراطي العسكرية، ثقلها الرئيسي، على ما يرام طيلة سنوات الحرب السورية، بل إن الإقليم لطالما قدّم الدعم للمجلس الوطني الكردي السوري، وهو الجهة المناوئة لهذه القوات. لكن كما يبدو فرضت التطورات في سورية بعد إطاحة نظام الأسد، على قيادة الإقليم التدخل من أجل دفع القوى الكردية في سورية إلى الاتفاق على توحيد الصف والتوصل لمرجعية واحدة تفاوض الإدارة الجديدة في دمشق باسم الأكراد السوريين. وزار مسؤول الملف السوري في إقليم كردستان عبد الحميد بربندي أخيراً شمال شرقي سورية، رفقة المبعوث الأميركي إلى شمال شرق سورية سكوت بولز، ما يؤكد اهتمام قيادة الإقليم بردم الخلاف بين أكبر تشكيلين سياسيين كرديين في سورية؛ حزب الاتحاد الديمقراطي، أكبر أحزاب "الإدارة الذاتية" المسيطر على "قوات سوريا الديمقراطية"، والمجلس الوطني الكردي المقرب من قيادة إقليم كردستان والذي يحظى بدعم منها منذ تأسيسه أواخر عام 2011.
ويبدو أن وجود حزب العمال الكردستاني في شمال شرقي سورية، الذي تحظره أنقرة، هو العقبة الأبرز أمام مبادرة إقليم كردستان الذي يرتبط بعلاقات تُوصف بـ"المتميزة" مع الجانب التركي، والذي يعتبر وحدات "حماية الشعب" الذراع السورية لهذا الحزب إرهابية، ويؤكد أنه لن يسمح ببقائه في سورية. ويبدو أن قيادة الإقليم تعمل على تجنيب الشمال الشرقي من سورية والذي يضم العدد الأكبر من الأكراد السوريين، أي عمل عسكري واسع من قبل الجيش التركي، من خلال دفع "قسد" إلى طرد مقاتلي "العمال الكردستاني" من سورية. وتتغلغل كوادر حزب العمال الكردستاني بكل مفاصل القرار في شمال شرقي سورية، بما فيها التعليمي والصحي، وهو ما يدفع الجيش التركي للتلويح بعمل عسكري واسع للقضاء على أي وجود لهذا الحزب في سورية. وهدد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في ديسمبر/كانون الأول الماضي من البرلمان التركي، بـ"دفن" مقاتلي الحزب "مع أسلحتهم" في سورية، إذ لم يلقوا السلاح. في السياق، نقلت وكالة رويترز، الخميس الماضي، عن مسؤول في حزب العمال الكردستاني تأكيده أن الحزب على استعداد للخروج من سورية إذا احتفظت "قسد" بدور مهم في شمال شرقي سورية، أو منحت دوراً كبيراً في قيادة مشتركة بالبلاد.
شلال كدو: مسألة انسحاب عناصر حزب العمال الكردستاني من سورية تحصيل حاصل
وأوضح شلال كدو، وهو قيادي في المجلس الوطني الكردي، لـ"العربي الجديد"، أن الوساطة التي يقوم بها البارزاني لتوحيد القوى الكردية في سورية "تأتي في سياق جهد دولي تقوده الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي من أجل تشكيل وفد كردي موحد والذهاب برؤية سياسية مشتركة للتفاوض مع السلطة الجديدة في دمشق". ولا بد بالتالي، وفق كدو "من توافق سياسي بين مختلف الأطراف الكردية في سورية، خصوصاً لجهة مطالب الأكراد السوريين في سورية الجديدة والتوافق على منظور كردي حولها، بمعنى هل ستكون الدولة المقبلة مركزية أو لا مركزية أو اتحادية"، معتبراً أن مسألة انسحاب عناصر حزب العمال الكردستاني من سورية "تحصيل حاصل". وأوضح أن أحد أسباب الوساطة التي يقوم بها البارزاني هو درء المخاطر عن الأكراد السوريين بسبب وجود المقاتلين الأجانب في صفوف "قسد"، لذا "لا بد من خروجهم لتجنيب المنطقة حروباً لا طائل منها". كما رأى أن أي توافق كردي - كردي في سورية "يقوم على دعائم رئيسية أبرزها: توحيد الرؤية حول سورية المستقبل، وتشكيل مرجعية سياسية واحدة للأكراد في المرحلة الانتقالية، ومغادرة مقاتلي حزب العمال من سورية".
إبراهيم مسلم: وساطة إقليم كردستان ستثمر عن نتائج إيجابية لكن لفترة ليست طويلة
من جهته رأى المحلل السياسي السوري الكردي، إبراهيم مسلم، في حديث مع "العربي الجديد"، أن توحيد القوى الكردية في سورية "هو مطلب شعبي"، معتبراً أن جهود الوساطة التي يقوم بها إقليم كردستان - العراق "ستثمر عن نتائج إيجابية، ولكن لفترة ليست طويلة". فالخلافات بين القوى السياسية السورية الكردية، وفق مسلم "سرعان ما ستظهر، وستكون هناك قوتا نفوذ في المناطق الكردية السورية في المستقبل، الأولى لحزب الاتحاد الديمقراطي والثانية للمجلس الوطني الكردي".