بغداد تترقب عهد ترامب وتؤكد عمق العلاقات مع واشنطن

أكدت الحكومة العراقية، سعيها لتعزيز التعاون المشترك مع واشنطن بعد تنصيب دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة، مشددة على عمق العلاقات بين البلدين وأهمية المضي بتنفيذ التفاهمات المشتركة. وكان رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، قد تحدث قبل أيام في تسجيل صوتي تداولته وسائل إعلام ومدونون عراقيون، عمّا وصفه بـ"الرعب"، من إدارة ترامب، بسبب سياسته المرتقبة.

وعلى مدى الفترة التي أعقبت فوز ترامب بالانتخابات الأميركية، تبنت القوى السياسية العراقية الحليفة لإيران مواقف محذرة من عودة الرئيس المنتخب إلى سدة الحكم، وأنه سيستخدم سياسة أكثر تشدداً، بما فيها ورقة العقوبات الاقتصادية على العراق للضغط عليه، خصوصاً أنه يُواجه قضائياً في العراق سلسلة من الدعاوى المرتبطة بمسؤوليته عن عملية اغتيال قائد "فيلق القدس" السابق قاسم سليماني، والقيادي في "الحشد الشعبي" أبو مهدي المهندي مطلع يناير/كانون الثاني 2020.

ومساء أمس السبت، أجرى القائم بالأعمال الأميركي الجديد لدى العراق دانيل روبنستين، لقاءين منفصلين، الأول مع رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، والثاني مع وزير خارجية العراق فؤاد حسين، بُحثَت فيها العلاقة بين البلدين. ووفقاً لبيان لمكتب رئيس الوزراء العراقي، فإن "السوداني استقبل روبنستين، واستُعرضَت في اللقاء العلاقات بين العراق والولايات المتحدة وسبل تعزيزها، والمضي بتنفيذ التفاهمات المشتركة، بما يصبّ في مصلحة البلدين وتنامي الشراكة الثنائية في مختلف المجالات".

وأشار البيان إلى أن "اللقاء شهد البحث في آخر تطورات المنطقة والأوضاع في سورية والجهود المبذولة إقليمياً ودولياً لاستدامة وقف إطلاق النار في غزة والأراضي الفلسطينية وجنوب لبنان". وأكد السوداني أن "العراق يدعم كل الجهود التي تفضي إلى بسط الأمن والاستقرار ومنع انتشار الصراعات وأهمية اضطلاع الدول الكبرى والمنظمات الأممية بكامل دورها لمنع حروب الإبادة الجماعية، مثلما يشدد على سرعة إغاثة أهالي غزة، والعمل على إعادة إعمارها، بعد اتفاق وقف إطلاق النار".

من جهته، أكد وزير خارجية العراق للمسؤول الأميركي، "تطلع العراق إلى تعزيز التعاون الثنائي مع الإدارة الأميركية الجديدة"، وذكر بيان للوزارة، أن حسين أكد "عمق العلاقات العراقية الأميركية وأهمية تعزيز التعاون المشترك".

وأشار البيان إلى أن "اللقاء شهد مناقشات معمقة حول العلاقات الثنائية بين البلدين، إلى جانب استعراض الأوضاع الإقليمية، وتطرق الجانبان إلى التطورات السياسية الراهنة والدور المحوري الذي تلعبه الدول الغربية، وفي مقدمتها الولايات المتحدة، في مسار الأحداث داخل سورية".

وشدد الوزير العراقي على "أهمية تعزيز التعاون بين العراق والولايات المتحدة، بما يخدم المصالح المشتركة ويسهم في تحقيق الاستقرار الإقليمي". 

وتترقب بغداد بحذر تنصيب ترامب رئيساً للولايات المتحدة الأميركية، وسط مخاوف من قراراته في ما يخص الفصائل المسلحة العراقية، إذ تواجه حكومة بغداد ضغوطاً أميركية بحلها.

تترقب بغداد بحذر تنصيب ترامب رئيسا للولايات المتحدة الأميركية

الباحث في الشأن السياسي العراقي، مجاهد الطائي، تساءل في تدوينة له، قائلاً: "متى تبدأ الإجراءات القانونية بحق ترامب، قاتل سليماني والمهندس؟".

ويُمكن اعتبار فترة الرئاسة الأولى للرئيس دونالد ترامب، بأنها مرحلة تحول كبيرة في العلاقة بين واشنطن وبغداد، التي اتسمت بعد الغزو الأميركي عام 2003 وإطاحة النظام العراقي السابق، بالدعم المفتوح للعملية السياسية وبسط نفوذ السلطة العراقية، حيث شهد العراق أولى عمليات عسكرية أميركية ضد الجماعات المسلحة الحليفة لإيران نهاية عام 2019، بعدما كانت تقتصر العمليات الأميركية في العراق على الجماعات المسلحة كتنظيم القاعدة، و"داعش".

ووجهت واشنطن سلسلة من الغارات التي خلفت خسائر بشرية ومادية كبيرة في صفوف الفصائل المدعومة من إيران، كان أبرزها هجوم القائم نهاية سنة 2019، واغتيال قائد فيلق القدس قاسم سليماني، والقيادي في "الحشد الشعبي" أبو مهدي المهندس يناير 2020، ثم تنفيذ سلسلة عمليات جوية ضد قيادات بالفصائل ذاتها، تقول إنها مسؤولة عن مهاجمة قواعد أميركية في العراق وسورية.

وينتظر العراق وواشنطن عملٌ مشترك كبير، خصوصاً بعدما توصلت بغداد وواشنطن أخيراً إلى تحديد موعد رسمي لإنهاء مهمة التحالف الدولي في العراق، بمدة لا تتجاوز نهاية أيلول/ سبتمبر المقبل، بعد جولات حوار امتدت لأشهر بين الجانبين على إثر تصاعد المطالب بإنهاء وجوده من قبل الفصائل المسلحة والقوى العراقية الحليفة لإيران، على أثر ضربات أميركية لمقار فصائل بالعراق رداً على هجماتها على قواعده في البلاد وخارجها.