تعاون العراق مع بريطانيا يصطدم بعقبات... مذكرات تفاهم تسويقية
وقعّت حكومة العراق مجموعة من مذكرات التفاهم مع الجانب البريطاني على هامش زيارة رئيس الحكومة محمد شياع السوداني مؤخرا، إلى لندن في مختلف المجالات.
لكنّ مراقبين يرون أن المذكرات التي وقعت لا تختلف عن سابقاتها التي وقعت في الحكومات العراقية السابقة من حيث التنفيذ والتطبيق، والتي كانت غالبيتها مجرد مذكرات لم تنفذ على أرض الواقع.
والتقى رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني على هامش زيارته إلى لندن عدداً من ممثلي الشركات البريطانية، مؤكداً انفتاح العراق على مختلف الأنشطة الاستثمارية والتنموية بهدف تعزيز الاقتصاد الوطني العراقي.
وناقش السوداني، الثلاثاء الماضي، خلال زيارته إلى بريطانيا، ممثلي 24 شركة بريطانية كبرى في قطاعات ونشاطات مختلفة، إضافة الى عدد من رجال الأعمال، بحضور مسؤولين حكوميين بريطانيين. وتم توقيع عدد من مذكرات التفاهم بين القطاعين العام والخاص العراقي وعدد من الشركات والمؤسسات البريطانية، في عدد من المجالات.
قال عضو اللجنة القانونية في البرلمان العراقي، عارف الحمامي، إن زيارة رئيس الوزراء إلى بريطانيا فيها مزايا إيجابية مهمة للانفتاح والتنسيق مع الدول الكبيرة.
وشدد الحمامي خلال حديثه لـ"العربي الجديد"، على أهمية الدور الدبلوماسي في مواجهة التحديات التي تشهدها المنطقة، وما لهذه الزيارة من عوامل إيجابية خاصة لدولة مثل بريطانيا التي تمتلك دوراً كبيراً في تحديد السياسات وإدارة الملفات الإقليمية.
وأفاد بأن الزيارة مهمة من الناحية الاقتصادية للعراق خاصة في ظل ظروف إيقاف المنصة بيع الدولار وضغوط البنك الدولي على العراق، وما تحمله هذه الزيارة من دور كبير ومهم من أجل التنسيق مع الدول الكبرى بانفتاح الاقتصاد العراقي من حيث الاستثمار والتنسيق المصرفي وغيره من القضايا المهمة.
وأشاد الحمامي بأهمية التحرك الدبلوماسي العراقي في التوقيت المناسب، بهدف حسم المواقف السياسية والاقتصادية، معتبراً أن هذه الزيارة من أهم الزيارات الخارجية للسوداني خلال هذه الفترة، للمكانة والثقل الدولي الكبير اللذين تحظى بهما بريطانيا في العالم.
قال الخبير المالي والمصرفي، مصطفى حنتوش، إن مذكرات التفاهم التي وقعت هي مجرد عمليات عرض قدمتها الشركات البريطانية وليست عقودا استثمارية يمكن أن تنفذ أو لا بعد دراسة الجدوى والقوانين التي قد تواجهها.
وأضاف حنتوش لـ"العربي الجديد"، أن ما قدمته هذه الشركات هي مذكرات تسويقية يمكن أن تتحول إلى استثمارات حقيقية إذا تمكنت هيئة الاستثمار من تقديم الفرص الجادة والحد من عمليات الفساد.
وشدد حنتوش على أهمية وضع موازنة خاصة للبنية التحتية للاستثمار، فضلاً عن تقديم القروض المناسبة لعمليات الاستثمار، وما يحدث الآن هو وجود عمليات فساد يجب الحد منها من أجل النهوض بالواقع الاستثماري العراقي.
من جانبه، قال الخبير الاقتصادي، أحمد عبد ربه، إن الحكومات السابقة واجهت تحديات كبيرة في تحويل مذكرات التفاهم الى مشاريع ملموسة نتيجة عدة عوامل تتمثل البيروقراطية والفساد وعدم استقرار النظام الاستثماري وضعف التشريعات.
وأكد عبد ربه على أهمية تحويل هذه المذكرات إلى اتفاقيات سريعة التنفيذ تضمن الأطر القانونية وتعزز الشفافية فضلاً، عن أن هذه الزيارة لها أبعاد سياسية أكثر منها اقتصادية، حيث تحاول حكومة العراق توقيع المذكرات لسعي الحكومة تحقيق توازن سياسي على الساحة الدولية واستعادة الثقة الدولية وإيصال رسائل داخلية على انها تعمل على تحقيق التنمية والاستثمار.
وأضاف لـ"العربي الجديد" أنّ استفادة العراق من خبرات الشركات البريطانية عامل مهم في تحقيق التنمية الاقتصادية والمستدامة بالنسبة لبغداد، في دعم مشاريع البنى التحتية والنقل وقاعدة الإنتاج وجهود التحول الرقمي والتطور التكنولوجي.
وتحدث الباحث الاقتصادي مصطفى فرج لـ"العربي الجديد" أنّ الحكومة العراقية تواجه تحديات كبيرة تتمثل في عدم الاستقرار السياسي، الذي يجعل العراق بعيداً عن تحقيق وتنفيذ مذكرات التفاهم مع الجانب البريطاني.
وأضاف أنّ البيروقراطية التي يشهدها العراق في توزيع المشاريع الاستثمارية تعتبر عائقاً سيصعب كثيراً تنفيذ وتحقيق العمل في مذكرات التفاهم، مؤكداً أنّ هذه المذكرات ستبقى من دون جدوى مادامت لم تقترن بخطط، واقعية، وبيئة مناسبة، وجاذبة.
وأفاد فرج، أن مذكرات التفاهم العديدة التي وقعت بين العراق والدول الأخرى منذ سنة 2003، لم تنفذ على أرض الواقع، ولم تحقق أي مردود ايجابي بالنسبة للعراق من ناحية الخدمات ومشاريع البنية التحتية والاستثمارية.
وأكد، أن مشكلة العراق ليست بتعدد مذكرات التفاهم، إنما بالتنفيذ والشروع بالعمل، مطالباً حكومة بغداد بأن تترجم هذه المذكرات على أرض الواقع وأن توفر متطلبات العمل الاستثماري اللازمة والبيئة المناسبة للنهوض بالواقع الاقتصادي.