الازدحام المروري يستهلك 4 ساعات يومياً من سكان بغداد

العربي الجديد

الازدحام المروري يستهلك 4 ساعات يومياً من سكان بغداد

  • منذ 3 أسبوع
  • العراق في العالم
حجم الخط:

لا تنتهي معاناة سكان العاصمة العراقية بغداد، من جراء شدة الازدحام المروري الذي أصبح سمة بارزة في مدينتهم، ما ينعكس سلباً على حياتهم اليومية والأسرية وأدائهم في العمل، ويقضي العراقيون في بغداد مدة قد تتجاوز أحياناً أربع ساعات على الطرقات المزدحمة، في ظل زيادة عدد السيارات بما يفوق قدرة المدينة على الاستيعاب، ووجود مراكز العمل والمؤسسات الحكومية داخل المدينة.

ويرى أهالي بغداد أن الجسور والشوارع الجديدة التي جرى افتتاحها خلال العامين الماضيين، لم تحسّن أوضاع الطرق، بسبب مشاكل أخرى تحتاج إلى استراتيجية جدية لأجل تقليل عدد السيارات في العاصمة، وإنشاء مدن إدارية وصناعية وصحية ومجمعات سكنية على أطراف بغداد.

وذكر المركز الاستراتيجي لحقوق الإنسان في العراق، أمس الثلاثاء، أن الازدحامات المرورية تمثل تحدياً كبيراً أمام الاقتصاد الوطني العراقي، حيث تؤثر بشكل مباشر وغير مباشر على سوق العمل ومستوى الإنتاجية، مبيناً أن "العمال يقضون جزءاً كبيراً من وقتهم عالقين في الازدحامات بدلاً من أن يكونوا منتجين في أماكن عملهم، ويخسرون حوالي 100-150 ساعة سنوياً بسبب الازدحامات المرورية، وهذا يعادل خسائر اقتصادية تتراوح بين 2% إلى 5% من الناتج المحلي الإجمالي في بعض الدول".

وأضاف المركز في بيان، أن "الازدحام المروري يستهلك كميات كبيرة من الوقود، مما يؤدي إلى ارتفاع نفقات النقل والخدمات اللوجستية، حيث تشكل هذه التكاليف عبئاً إضافياً على الأفراد والشركات، وأن التكلفة الاقتصادية للازدحام المروري في المدن الكبرى قد تصل إلى 1-2 مليار دولار سنوياً بسبب الوقت المهدور، واستهلاك الوقود، وصيانة البنية التحتية"، مشيراً إلى أن "السكان في العراق يعانون من أكثر من 3 ساعات يومياً في الازدحام في بعض المناطق مما يرفع التكاليف الفردية للنقل بنسبة 40%".

ويقول أحمد عبد الهادي، وهو موظف في دائرة حكومية في بغداد، إنه "يقضي أكثر من ساعتين من يومه في الازدحامات من وإلى منزله، وأن هذا التأخير يتسبب بإرهاق كبير له، ويؤثر على انتاجيته، وفي بعض الأحيان يصل الوقت الذي يقضيه في الازدحام إلى أربع ساعات"، مؤكداً لـ"العربي الجديد"، أن "هذا الوقت الطويل يجعله يفكر جدياً في ترك الوظيفة ومحاولة إيجاد عمل آخر قريب من منزله". مضيفا أن "بعض الموظفين يصلون إلى دوائرهم ومكاتبهم وهم في حالة إنهاك شديد، وللأسف فإن الحكومات العراقية لم تتجه إلى تمكين قطاع النقل العمومي، وتواصل استيراد السيارات من دون إدراك قضية استيعاب الشوارع لهذه الأعداد الكبيرة من السيارات"، موضحاً أن "الجسور والشوارع الجديدة التي افتتحت في بغداد، لم تسهم كثيراً في حل أزمة الاختناقات المرورية، بل أن إصلاح الشوارع وانتشار الحفريات للمشاريع التي نفذتها الحكومة ساهمت في بعض المناطق بصناعة أزمات سير".

من جهته، بيَّن رئيس المركز العراقي لحقوق الإنسان، فاضل الغراوي، أن "الحكومة أكدت معالجة الازدحامات المرورية من خلال إنشاء الجسور والأنفاق وتوسعة الطرق، لكن هناك حاجة لتطوير بقية مكونات البنية التحتية، وتفعيل النقل العام بشكل أكبر"، مؤكداً لـ"العربي الجديد"، ضرورة "تسقيط موديلات السيارات لغاية عام 2012 وإنشاء طرق حلقية في كافة المدن وإنشاء طرق بمعايير دولية بين المحافظات والاستثمار في وسائل النقل العام المستدامة مما سيسهم في تحسين الإنتاجية الاقتصادية وتقليل التكاليف البيئية والصحية على المدى الطويل.

وترتبط معضلة الازدحامات بوجود أعداد مهولة من السيارات في بغداد، وتوافد آلاف السيارات عليها من محافظات أخرى يومياً، فضلاً عن سوء التخطيط، وافتتاح مجمعات تجارية ضخمة في مناطق وسط المدينة المزدحمة، إلى جانب تمركز معظم الدوائر الحكومية ومقار الوزارات في مناطق قلب العاصمة التجارية، ما يتسبب في ضغوط كبيرة على حياة المواطنين.

وكان رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، قد أطلق ما وصفها بأنها "حزمة أولى لفك الاختناقات المرورية في بغداد عبر 16 مشروعاً تتعلق باستحداث طرق وجسور"، مؤكداً أهميتها في معالجة المشكلة باعتبارها "الأولى من نوعها في البلاد". وأكد السوداني أن حكومته "اتخذت إجراءات سريعة لفك الاختناقات، أبرزها فتح طرق كانت مغلقة لمدة سنوات، وإزالة عدد كبير من نقاط التفتيش الأمنية، وفتح شوارع في وسط المدينة، وداخل المنطقة الخضراء".

لكن الناشط المدني من بغداد، أيهم رشاد، قال إن "هذه المشاريع جاءت في توقيت حرج، رغم أهميتها، لكنها جاءت في وقت زيادة غير مسبوقة لأعداد السيارات داخل العاصمة بغداد، ولو أن الحكومات العراقية السابقة نفذت إصلاحات في الطرق والجسور لما وصلت بغداد إلى هذه المرحلة الصعبة، حيث صار التنقل بين الأحياء أمراً يشبه الرحلة إلى محافظة أو مدينة أخرى"، مستكملاً حديثه مع "العربي الجديد"، بأن "الجهود الخدمية وعمل الشركات أثر على وصول الموظفين إلى دوائر الدولة، لكن هناك أملا في أن تسهم هذه المشاريع في التقليل من مشكلة الازدحامات".

ويشهد كثير من شوارع المحافظات العراقية، خصوصاً العاصمة بغداد، زحاماً يومياً بسبب الزيادة الكبيرة في أعداد السيارات، والتي يقابلها عدم توسيع شبكة الشوارع القديمة والمتهالكة، والتي لم تعد تستوعب تلك الأعداد من السيارات. وأكّدت وزارة التخطيط، في وقتٍ سابق، أنّ عدد سيارات القطاع الخاص المسجّلة في عموم العراق حتى نهاية عام 2021، بلغ 7 ملايين و460 ألف سيارة، ويشمل ذلك السيارات المسجلة في إقليم كردستان العراق.



عرض مصدر الخبر



تطبيق موسوعة الرافدين




>