عمليات التجميل ليست حكراً على النساء في العراق

العربي الجديد

عمليات التجميل ليست حكراً على النساء في العراق

  • منذ 2 أسبوع
  • العراق في العالم
حجم الخط:

في ظاهرة لافتة يشهدها المجتمع العراقي، تستقبل عيادات ومراكز طب التجميل رجالاً من أعمار مختلفة يجرون عمليات في الوجه تشمل الأنف والفكين، وأخرى لزراعة شعر اللحى وإزالة التجاعيد. ويربط مهتمون برصد الظواهر الاجتماعية هذا الأمر بالانتعاش الاقتصادي والاستقرار الأمني، بينما يتحدث أشخاص خضعوا لعمليات تجميل عن شعورهم الإيجابي بالتغيير الذي طرأ على وجوههم، واقتناعهم بصواب فكرة تصغير أعمارهم.
يقول أحمد جبوري، أحد أطباء التجميل المعروفين في بغداد، لـ"العربي الجديد": "وجود شبان ورجال تتراوح أعمارهم بين الأربعين والستين في عيادتي أمر مألوف، وهم يجرون عمليات لإزالة التجاعيد، ورفع وقص الجفون المترهلة، وزراعة اللحى، وشد الوجه، وحقن البشرة بمواد النضارة، إلى جانب تجميل الأنف وإجراء تحسينات في الوجه والرقبة، أما العملية الأكثر طلباً فهي تجميل الأنف الذي يعتبر دوره مهماً جداً في تحسين تناسق الوجه، وأيضاً عمليات الفك والحنك التي تزيد الجاذبية، وحقن البوتوكس والفيلر التي تعتبر حالياً طلبات معتادة لتعبئة الخدود والخطوط العميقة حول الفم، وإزالة التجاعيد، وأيضاً تقشير البشرة بالليزر للتخلص من البقع الداكنة وتحسين نسيج البشرة. ومن بين إجراءات التجميل التي يقبل عليها الرجال أيضاً علاجات البلازما لتحفيز إنتاج الكولاجين وتجديد خلايا البشرة".
وتتعدد أسباب إقبال الرجال العراقيين على عمليات تجميل الوجه، من بينها ترويج وسائل التواصل الاجتماعي لعمليات التجميل، وزيادة الاهتمام بالمظهر، إلى جانب تطور تقنيات التجميل وانخفاض تكلفتها نسبياً. ويقول الطبيب النفسي حسن الشمري، لـ"العربي الجديد" إن هذا "يعكس التغيّر الإيجابي الذي طرأ على ثقافة المجتمع، وزيادة قبوله فكرة أن الجمال ليس حكراً على النساء. أرى أن التجميل ليس مجرد تحسين في المظهر، بل أحياناً وسيلة لاستعادة الثقة بالنفس تدفع الرجل إلى مواصلة الإنتاج والتواصل مع محيطه بروح إيجابية". لكنه يستدرك بالقول إن "إكثار عمليات التجميل قد يغيّر ملامح الوجه بشكل كبير، وصولاً إلى تجريد الشخص من ملامحه الرجولية، ما قد يؤثر على ثقته بنفسه وعلاقاته بمحيطه الاجتماعي. ونلاحظ ذلك لدى من يواجهون ضغوطاً نفسية لعدم قبول المجتمع مظهرهم الجديد".

ويؤكد كثيرون أجروا عمليات تجميل أنهم استشاروا آخرين قبل أن يتخذوا هذه الخطوات، خصوصاً أن المجتمع العراقي يعرف بهويته المحافظة. يقول سراج عامر (29 سنة) لـ"العربي الجديد": "شعرت بعدم رضا عن مظهر أنفي الذي كان يؤثر على ثقتي بنفسي، لكن بعدما أجريت عملية تجميل قبل نحو أربعة أعوام أصبحت أشعر بأنني أكثر وسامة وثقة، وفتح شكلي الجديد أبواباً كثيرة لي في حياتي الاجتماعية والمهنية". 
ويتحدث سراج عن معاناته خلال سنوات المراهقة حين كان حجم أنفه الكبير مصدر إزعاج له، ويضيف: "كان أصدقائي يطلقون علي ألقاباً جارحة، وأثّر هذا التنمر على ثقتي بنفسي. كنت أتجنب التقاط الصور، وأشعر بعدم الارتياح في المناسبات الاجتماعية. كان الأمر دائماً في ذهني، وكأنه حاجز يمنعني من التواصل مع الآخرين وبناء علاقات".
وعموماً لم يعد غريباً رؤية رجال في العقدين الخامس والسادس تظهر عليهم تغييرات تؤكد أنهم خضعوا لعمليات تجميل. وقد أجرى صباح النداوي (53 سنة) عمليات تجميل في عام 2019. يقول لـ"العربي الجديد": "أجريت زراعة للشعر وعمليات تجميل منها شد البشرة وحقن بوتوكس. أنا الآن على أبواب الستين، وأبدو أصغر بعشرة أعوام. التغييرات البسيطة في شكلي أشعرتني براحة نفسية، علماً أنني لم أفكر سابقاً في إجراء أي عمليات تجميلية، لكن زوجتي كانت تقول لي دائماً إنني أستحق أن أبدو أصغر سناً، وهي تحرص حتى الآن على أن ألتزم بمراجعة طبيب التجميل لإضافة نضارة لوجهي من خلال علاجات غير جراحية".

بدوره، أجرى فاضل عبد الهادي، وهو في منتصف العقد الخامس، عملية لتحسين شكل أنفه وزراعة الشعر من أجل تغطية جزء من الصلع في رأسه قبل أربعة أعوام، ولا يزال يراجع طبيب التجميل كي يظل وجهه أكثر نضارة. ويقول لـ"العربي الجديد": "ترددت في البداية لأن فكرة التجميل للرجال كانت غير شائعة في المجتمع، لكن حين رأيت النتائج وأنها جعلتني أشعر بثقة أكبر بنفسي أدركت أن القرار كان صحيحاً. العديد من أصدقائي يشاركونني التجربة نفسها، وتشجعنا زوجاتنا وأفراد عائلاتنا على ذلك، وهم يرون أن هذا جزء من الاهتمام بالمظهر، ويريدون جعلنا سعداء، وهذا يفرحنا".
ويوضح أن التغييرات لم تنعكس فقط على مظهره، بل على حياته الاجتماعية والنفسية، و"أشعر الآن بطاقة إيجابية أكبر عندما أخرج من المنزل، وأنني أكثر انسجاماً مع نفسي ومع من هم حولي. لم يعد الأمر يتعلق بالمظهر فقط، بل بكيف أشعر داخلياً".



عرض مصدر الخبر



تطبيق موسوعة الرافدين




>