دفعة إضافية من العائلات العراقية تغادر مخيم الهول شرقي سورية
غادرت عشرات العائلات العراقية مخيم الهول الواقع في جنوب مدينة الحسكة شرقي سورية، اليوم الأحد، في إطار التنسيق الحاصل بين الإدارة الذاتية وحكومة بغداد. وجاء في بيان أصدرته الإدارة الذاتية أنّ الدفعة الإضافية من العائلات العراقية التي أُعيدت إلى العراق والتي تُعَدّ الرابعة منذ بداية العام الجاري تضمّ 155 عائلة، بواقع نحو 594 شخصاً، علماً أنّ السلطات العراقية تنقل مواطنيها من مخيم الهول إلى مخيم الجدعة في محافظة نينوى شمالي البلاد.
وكان مخيم الهول قد أُنشئ، في الأساس، لإيواء لاجئين عراقيين في أوائل عام 1991 في خلال حرب الخليج الثانية، قبل أن يُعاد فتحه في وقت لاحق بعد تدفّق عراقيين إلى سورية عقب الغزو الأميركي للعراق في عام 2003، وكان واحداً من ثلاثة مخيمات عند الحدود السورية مع العراق. وفي خلال الحرب السورية، سيطر تنظيم داعش على المخيم واستخدمه نقطة عبور ما بين سورية والعراق، إلى أن انتزعته منه "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) في عام 2016، وراحت تستخدمه لايواء النازحين السوريين الفارين من المعارك بين النظام السوري والمعارضة. وبعد إعلان القضاء على تنظيم داعش في آخر معاقله ببلدة الباغوز، في ربيع عام 2019، نُقلت إليه عائلات مقاتلي تنظيم داعش من مختلف الجنسيات.
وكانت الإدارة الذاتية قد أعلنت، في الـ23 من شهر يناير/ كانون الثاني الماضي، أنّه بعد سقوط نظام الأسد في الثامن من ديسمبر/ كانون الأول 2024، "دخلت سورية مرحلة جديدة، وباتت بعض الملفات الإنسانية تفرض نفسها، ومن بين الملفات التي كانت تشكل عبئاً ثقيلاً على كاهل الإدارة ملف النازحين واللاجئين". وأوضحت أنّها عمدت إلى "إفساح المجال أمام المواطنين السوريين المقيمين في مخيم الهول للعودة الطوعية إلى مناطق سكنهم". وأشارت إلى قرار مماثل سابق في هذا الشأن، مبيّنةً أنّ العائلات التي تقيم في مخيم الهول كانت تتخوّف من العودة إلى مناطقها التي نزحت عنها بسبب سيطرة نظام الأسد، لكن مع إطاحة هذا النظام زال سبب بقاء هؤلاء السوريين في مخيم الهول وزالت كذلك مخاوفهم من العودة. وأكدت أنّها سوف تقدّم كلّ التسهيلات اللازمة وتؤمّن رحلات للعائلات الراغبة في العودة إلى مناطقها.
في سياق متصل، دعت الإدارة الذاتية المنظمات الدولية المعنية بالشؤون الإنسانية إلى تقديم المساعدة للمواطنين السوريين الذين نزحوا إلى مناطق شمال شرق سورية بسبب الحرب في البلاد، والذين ما زالوا في مخيمات العريشة والمحمودلي وطويحينة وأبو خشب.
وبخصوص السوريين المقيمين في مخيم الهول وسبب بقائهم فيه حتى الساعة، على الرغم من قرار الإدارة الذاتية الأخير الذي يسمح لهم بذلك طوعاً، يقول الناشط السوري جان علي لـ"العربي الجديد" إنّ "كثيرين من سكان مخيم الهول يتردّدون في المغادرة بسبب ما ينتظرهم في خارج المخيم"، مشيراً إلى أنّ بعضاً من هؤلاء السوريين يخشى التعرّض لعمليات انتقام، فيما آخرون هُدمت بيوتهم ولا يملكون مصدر رزق في ظلّ البطالة المنتشرة في مناطق شرق سورية وعموم البلاد.
يضيف علي أنّ القرار الأميركي الأخير الصادر عن إدارة الرئيس دونالد ترامب بوقف المساعدات الخارجية، منها ما يتصّل بالإسناد المقدّم إلى مخيم الهول، قد يساهم في تسريع حسم قرارات مغادرة مخيم الهول، ولا سيّما أنّ سكّانه يعانون من أوضاع إنسانية كارثية بعد تجميد تلك المساعدات. ويلفت إلى أنّ تنفيذ القرار عُلّق لمدّة محدودة، الأمر الذي يعني أنّ المساعدات سوف تنقطع بعد ذلك، ويضطر بالتالي سكان المخيم الى الاعتماد على أنفسهم في تدبير شؤون معيشتهم. ويوضح علي أنّه على الرغم من قرار واشنطن الأخير استئناف توزيع المساعدات جزئياً، فإنّ ذلك لم يشمل كلّ المنظمات الإنسانية، ما يترك أكثر من 40 ألف شخص، من بينهم نساء وأطفال، في مواجهة نقص حاد في الغذاء والمياه والرعاية الصحية.
من جهته، يفيد مصدر مقرّب من إدارة مخيم الهول "العربي الجديد" بأنّه من أسباب عدم تسريع عملية خروج العائلات السورية من المخيم هو عدم توفّر عدد كافٍ من الموظفين لدراسة ملفات كلّ الموجودين فيه والتنسيق مع الجهات المعنية، إذ ينبغي التثّبت من هويات جميع الموجودين، والتأكد من أنّهم بالفعل سوريون وليسوا من العرب أو الأجانب. ووفقاً لتصريح سابق لمديرة مخيم الهول جيهان حنان، فإنّ أعداد المواطنين السوريين في المخيم المتحدّرين من مناطق الإدارة الذاتية لا تتعدّى الثلاثة آلاف، وهؤلاء إمّا دُمّرت منازلهم وإمّا تواجه عودتهم موانع أمنية واجتماعية. أضافت حنان أنّ بقية السوريين في مخيم الهول، الذين يتخطّى عددهم 14 ألفاً، يتحدّرون من مناطق سيطرة الحكومة السورية.