هل تفي الحكومة العراقية بوعد وقف استيراد الغاز بحلول عام 2028؟

العربي الجديد

هل تفي الحكومة العراقية بوعد وقف استيراد الغاز بحلول عام 2028؟

  • منذ 2 أسبوع
  • العراق في العالم
حجم الخط:

جددت الحكومة العراقية تأكيدها أنها ستصل إلى الاكتفاء الذاتي من إنتاج الغاز خلال عام 2028، ووقف استيراده من إيران لتشغيل محطات الكهرباء، في ثاني تعهد تطلقه خلال أقل من شهر واحد. وجاء التأكيد الجديد على ضوء قرارات الإدارة الأميركية الجديدة تجاه إيران وإيقاف استثناءات ممنوحة للعراق لاستيراد الغاز من طهران، حمل موعداً زمنياً وهو العام 2028، من دون الإشارة إلى إمكانية أن تُسهم عمليات الربط الكهربائي بين العراق ودول الخليج وتركيا والأردن الجارية حالياً في التقليل من الاستيراد العراقي للغاز الإيراني. 

والسبت قال رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، إن بلاده ستتوقف تماماً عن استيراد الغاز بحلول العام 2028، متطرقاً إلى الغاز الإيراني الذي تستورده البلاد للتخفيف من أزمة الكهرباء خصوصاً في فصل الصيف. ولفت السوداني، إلى أن الإدارة الأميركية السابقة كانت تمنح البلاد استثناءً لاستيراد الغاز من إيران الخاضعة للعقوبات، وأن البلاد في حاجة من الإدارة الأميركية الجديدة بقيادة دونالد ترامب إلى استمرار هذا الاستثناء. 

ويُعد العراق ثالث أكثر دولة في معدلات إحراق الغاز المصاحب عالمياً بعد كل من روسيا وإيران، حيث بلغ مجمل الغاز الذي أحرقه العراق عام 2023 نحو 18 مليار متر مكعب، وفق بيانات صادرة عن البنك الدولي. 

تنفيذ اتفاقية باريس

من جانبه، قال وكيل وزارة النفط العراقية لشؤون الغاز، عزت صابر، لـ"العربي الجديد"، إن العراق مُلزم بتنفيذ بنود اتفاقية باريس التي وقع عليها سنة 2015، والملزمة إنهاء حرق الغاز المصاحب لعمليات الاستخراج النفطي والتوجه إلى الطاقة النظيفة خلال العام 2030. وبيّن صابر، أن الحكومة العراقية تعمل بشكل متواصل لتحقيق الاكتفاء الذاتي من خلال استثمار الغاز المحلي، حيث بلغت نسبة الإنتاج 70% من حجم الغاز المحروق بعدما كانت 53 % قبل تسلم الحكومة الحالية. 

وكشف صابر، خلال حديثه لـ"العربي الجديد"، عن أن العام الجاري 2025 سيشهد استثمار أكثر من 300 مليون متر مكعب قياسي إضافي في حقول البصرة وميسان والناصرية والغرّاف، وخلال نهاية هذا العام سيصل الإنتاج الى 78 %. وتحدث، عن أن الطلب العالمي اتجه خلال السنوات الأخيرة على الغاز باعتباره طاقة نظيفة، ولدى العراق خطط وبرامج تمكنه من عدم حرق أي غاز مصاحب خلال العام 2028، للوصول إلى مرحلة الصفر من الغاز المحروق. 

وأفاد، أن وزارة النفط أعطت الجولة الخامسة والسادسة من الحقول النفطية للشركات العالمية وألزمتهم باستثمار الغاز أيضاً، في حين أن العراق يمتلك 127 تريليون قدم مكعب من احتياطيات الغاز، مما يجعله من الدول المنتجة والمنافسة عالمياً، بامتلاكه 75 % من الغاز المصاحب، و25 % من الغاز الحر.

وأشار صابر، إلى أن تكلفة الاستثمار في الغاز المصاحب أعلى، لأنه يحتاج إلى مشاريع أكثر، كما يحتاج إلى معدات أكثر، فضلاً عن فصل السوائل، كما يحتاج إلى معدات كثيرة، إذ بلغ رأس المال المستثمر في قطاع الغاز في العراق بحدود 15 مليار دولار، وسيتم إنفاق بحدود 7 مليارات دولار أخرى خلال السنوات القادمة. 

تأخر العراق في استثمارات الغاز

أما عضو لجنة النفط والغاز في البرلمان العراقي، باسم نغيمش الغريباوي، فقد قال إن العراق تأخر كثيراً في استثمار الغاز المصاحب، حيث لم تراعِ عقود جولات التراخيص مسألة حرق الغاز ومعالجته بدلاً من عمليات الحرق والهدر.
وبين الغريباوي، خلال حديثه لـ"العربي الجديد"، أن الحكومة العراقية اتجهت مؤخراً إلى استثمار الغاز للمساهمة في تحقيق الاكتفاء الذاتي خاصة بعد الإحراج الكبير الذي تعرضت له بسبب توقف إمدادات الغاز والضغوط الأميركية بإيقاف استثناءات استيراد الغاز من إيران.

وأضاف، أن جولات التراخيص الأخيرة التي شملت العقود التكميلية للجولات الخامسة فضلاً عن جولات التراخيص السادسة في الاستثمار النفطي ألزمت الشركات باستثمار الغاز في الحقول النفطية. وأفاد الغريباوي، أن استثمار الغاز المحلي يعد خطوة في الاتجاه الصحيح من أجل تحقيق المكاسب الاقتصادية وتحقيق أعلى قدر من الإيرادات المالية، وتحقيق الاكتفاء الذاتي للحد من الاستنزافات المالية التي خلفتها عمليات استيراد الغاز. 

وتحدث، عن أن التقارير والمعطيات والتصريحات التي أدلى بها مسؤولو وزارة النفط خلال استضافتهم في البرلمان العراقي، تشير إلى أن العام 2030 سيشهد تحقيق الاكتفاء الكامل من استثمار الغاز الوطني والتوقف عن استيراده بشكل نهائي. 

الإنتاج يلاحق الطلب المتزايد

وفي السياق، قال المختص في اقتصاديات الطاقة، أحمد صدام، إن العراق يمكنه تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز، إذا ما تمكن من إنتاج ومعالجة 1600 مليون قدم مكعب قياسي من الغاز يومياً، والتي تعادل الكمية المستوردة من إيران. وأوضح صدام، لـ"العربي الجديد"، أن تزايد الطلب على الغاز، جاء بسبب نمو استهلاك الكهرباء في العراق بحدود 10 % سنوياً، فضلاً عن الحاجة إلى زيادة الإنتاج من الكهرباء بحدود 2000 ميغاواط سنوياً.

وأفاد صدام، أن إمكانية تحقيق الاكتفاء لا ترتبط حصراً بزيادة إنتاج الغاز وإنما بسياسات ترشيد استهلاك الكهرباء والغاز المستهلك، متوقعاً، صعوبة الوصول إلى الاكتفاء الذاتي قبل عام 2030، ولكن مع عام 2028 قد يكون هناك تحسن كبير في مجال الغاز وليس اكتفاءً ذاتياً كاملاً. وبيّن، أن العراق لتحقيق الاكتفاء الذاتي يحتاج إلى تسريع تنفيذ العقود مع الشركات الاستثمارية في مجال الغاز، وتحديداً في جولة التراخيص الأخيرة التي ركزت على الغاز مع منح كل التسهيلات والإجراءات لهذه الشركات. 

وأضاف، أن الضغوط والعقوبات الأميركية الأخيرة وعدم تجديد الإعفاء الممنوح للعراق لاستيراد الغاز من إيران، سيكون حافزاً مهمّاً يدفع الحكومة إلى تسريع مهمة الشركات الاستثمارية في العراق وتجبر الحكومة في التحول تدريجياً نحو استقلال الطاقة. 

وأكد صدام، أنه لا توجد خيارات بديلة لمعالجة نقص الغاز سوى من خلال الاستثمار محلياً، وأن تصريحات الحكومة بتحقيق الاكتفاء إيصال رسالة بأنها متجهة نحو استقلال الطاقة ولديها خطة مرسومة بذلك، كما أنها تريد أن تنأى بنفسها عن بعض التهم التي توجهها واشنطن إلى العراق حيال العلاقات الاقتصادية بين العراق وإيران.



عرض مصدر الخبر



تطبيق موسوعة الرافدين




>