محاولات حكومية متعثرة لضبط التعليم الأهلي في العراق

العربي الجديد

محاولات حكومية متعثرة لضبط التعليم الأهلي في العراق

  • منذ 1 أسبوع
  • العراق في العالم
حجم الخط:

تواجه وزارة التربية العراقية صعوبات في السيطرة على المؤسسات التعليمية الأهلية التي زاد انتشارها، وأيضاً عدد المخالفات الكبيرة التي ترتكبها على صعيد الضوابط وشروط العمل. وقد استهدفت ملاحقات وعقوبات بعض هذه المؤسسات وصولاً حتى إلى حدّ إغلاقها، لكن ذلك لم يمنع إعادة فتح أبوابها واستئناف نشاطاتها الذي ترتكز بالدرجة الأولى على تحقيق الأرباح على حساب التعليم.

ويتمثل التحدي الأكبر أمام فرض القانون على المؤسسات التعليمية الأهلية وإخضاعها لمحاسبة على المخالفات التي ترتكبها في ارتباطها بمستثمرين وشركاء يتمتعون بنفوذ حزبي وحكومي، وأيضاً بزعامات وفصائل مسلحة.

وقبل أيام، أغلقت وزارة التربية أكثر من 100 مؤسسة تعليمية أهلية اتهمتها بارتكاب مخالفات للضوابط والشروط التعليمية، بحسب ما أفاد بيان أصدرته الوزارة. وقالت في البيان: "أغلقت مؤسسات تعليمية أهلية خالفت التعليمات والضوابط الوزارية الرامية إلى توفير بيئة تعليمية آمنة وخاضعة لمعايير الجودة الشاملة. وقد رُصدت هذه المخالفات بعد متابعة حثيثة من لجان متخصصة تابعة للمديرية العامة للتعليم العام والأهلي والأجنبي في كل محافظات العراق".

أضاف البيان: "شملت الإجراءات عدداً من المدارس والمعاهد ورياض الأطفال غير المجازة رسمياً في بادرة تهدف الى تحقيق استدامة تربوية متميزة مُعززة للأنظمة التعليمية الحديثة التي ترقى بالطلاب إلى درجات عليا من الإبداع الفكري والنفسي والاجتماعي".

ويؤكد المسؤول في إحدى لجان الوزارة الرقابية، علي الشمري، لـ"العربي الجديد"، أن "معظم المؤسسات التي أغلقت جرى تنبيهها مرات لكنها استمرت في ارتكاب مخالفات، من بينها التلاعب بدرجات امتحانات الطلاب. وواضح أنها تسعى إلى تحقيق مكاسب مالية على حساب الرصانة العلمية. رغم تنبيه عدد من هذه المدارس مرات لكنها كررت ارتكاب مخالفات، ما دفع الوزارة إلى إغلاقها. والوزارة تبذل جهداً لضبط هذه المؤسسات لكنها تواجه بعقبات وصعوبات كبيرة تمنعها من ذلك"، من دون أن يذكرها.

وتضطر عائلات إلى إرسال أبنائها للمدارس والمعاهد الأهلية رغم أن تكاليفها المادية كبيرة، وذلك كبديل للمدارس الحكومية التي تراجع مستوى التعليم فيها بسبب قلّة أعدادها والنقص الكبير في مستلزماتها وكثافة الطلاب، ما تسبب في اعتماد الدوام المزدوج والثلاثي في المدرسة الواحدة، وأيضاً لأسباب أخرى.

وبحسب عضو نقابة المعلمين العراقيين حامد الغزي، فإن وزارة التربية عاجزة أمام نفوذ هذه المؤسسات. ويقول لـ"العربي الجديد": "معظم مستثمري هذه المدارس هم من الأحزاب والجهات المتنفذة في الدولة، وهذه الارتباطات تمنحها حصانة من تطبيق القانون. لاحظنا خلال فترات سابقة إغلاق الوزارة بعض المدارس قبل أن تستأنف نشاطها بقوة بعد أن تتوفر لها الحماية الكاملة من أي محاسبة قانونية".

ويشدد على أن "الوزارة تعلم بأن نجاح الطلاب في المدارس الأهلية مضمون، وأن معدلاتهم السنوية مرتفعة قياساً بمستواهم العلمي الضعيف ومستوى التعليم المتدني الذي يتلقونه في معظم هذه المدارس، لكن الوزارة غير قادرة على فرض سلطة القانون التعليمي والشروط على هذه الجهات المتنفذة والمتسلطة. الحكومة مسؤولة عن انفلات المؤسسات التعليمية الأهلية وتمردها على قانون التعليم، وهي تزداد في شكل خطير في عموم المحافظات بعدما أصبحت من أكثر المؤسسات تحقيقاً للأرباح".

من جهته، يقول المشرف في مديرية تربية الكرخ ببغداد، بسام الجبوري، لـ"العربي الجديد"، إن "المؤسسات التعليمية الأهلية أصبحت عبئاً على التعليم بعدما استغلت نقص المدارس الحكومية ووجود سلبيات في مناهجها قبل أن تجد طريقاً لتحقيق مكاسب، وترتبط معظم المدارس بجهات وشخصيات متنفذة وهو ما يعرفه الجميع. الهدف التعليمي في هذه المدارس يأتي في مرحلة متأخرة بعد الأهداف الربحية، لذا يُخالف معظمها الضوابط والشروط التعليمية". مشدداً على "ضرورة أن تتابع الوزارة هذه المؤسسات وتشدد الإجراءات عليها من أجل الحفاظ على ما تبقى من رصانتها العلمية".

ونما التعليم الأهلي في العراق بعد عام 2003، ثم انتشر بشكل خطير في السنوات الأخيرة. وليست المدارس الأهلية مثالية، فالملاحظات كثيرة على معظمها، لكنها استطاعت أن تجد طريقاً لها من أجل تحقيق الأرباح، ونجحت في استقطاب أعداد كبيرة من الطلاب بعدما قدمت لهم إغراءات، وغالبيتها مؤسسات ترتبط بمستثمرين سياسيين وأشخاص متنفذين حزبياً، وهو ما أثّر على المستوى التعليمي فيها.

واعترفت وزارة التربية في تصريحات سابقة بالنقص الكبير في المباني المدرسية، وأكدت الحاجة إلى 10 آلاف مدرسة لسد النقص، وأنه لا يمكن توفيرها قبل 15 عاماً على الأقل. كما حددت عدد المدارس الطينية في البلاد بنحو 200 معظمها في المناطق الجنوبية، وأشارت إلى أن الدوام الثلاثي يكثر في القرى والأرياف.

وفي حديث سابق مع "العربي الجديد"، قال مدير مدرسة الشروق الأهلية في بغداد، بهاء خالد، إن "التسجيل في المدارس الأهلية لا يعتبر رفاهية، بل هو حاجة بالنسبة إلى أولياء الأمور على صعيد دورات التقوية قبل بدء العام الدراسي، إضافة إلى وجبات الطعام التي تقدم للتلاميذ في بعض المدارس، كما أن غالبية معلمي هذه المدارس من المتقاعدين الذين لديهم خبرة طويلة في التعامل مع التلاميذ والمناهج". 

يضيف: "المبالغ المالية التي تمنح للمدارس الأهلية تتراوح بين 800 و1400 دولار للعام الدراسي الكامل، وهو يشمل الزي المدرسي، وهذا لا يعني أن المدارس الحكومية تراجعت في تقديم تعليم جيد للطلاب، لكن في المدارس الأهلية هناك تركيز على التلاميذ أكثر". ويلفت إلى أنّ "المدارس الحكومية تحقق سنوياً معدلات نجاح عالية، ونجاحات كبيرة، وأن المدارس الأهلية تسعى إلى منح التلاميذ معدلات عالية لقبولهم في كليات علمية رصينة، والفارق هو في دورات التقوية التي تمنحها المدارس الأهلية، فضلاً عن التركيز في تدريس المناهج".



عرض مصدر الخبر



تطبيق موسوعة الرافدين




>