الحمى القلاعية تهدد العراق مجدداً: أرقام خطيرة لنفوق المواشي
سجل العراق مجدداً نفوق مئات المواشي، بسبب إصابتها بالحمى القلاعية، في وقت تتصاعد فيه التحذيرات من خطورة انتشار المرض، وعدم القدرة على السيطرة عليه، وسط انتقادات للإجراءات الضعيفة لمنع انتشاره. ولم تنحصر الإصابات بالمرض في محافظة واحدة، بل سجلت في مناطق من العاصمة بغداد وفي بابل والبصرة وديالى ونينوى وكركوك وواسط، وغيرها.
ووجّه رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، أمس الثلاثاء، بتشكيل لجنة للتحقيق بشأن انتشار المرض، إذ تضم اللجنة عدداً من المختصين في مجال الطب البيطري والثروة الحيوانية. وبحسب بيان لمكتب رئيس الوزراء، فإن "اللجنة باشرت أعمالها في متابعة حالات نفوق الحيوانات، وتحديد أسبابها من خلال الزيارات الميدانية، وسحب النماذج المرَضية للحمى القلاعية بالاستعانة بالخبرات المحلية والدولية، وبالتنسيق مع وزارة الزراعة ومنظمة الغذاء والزراعة الدولية (الفاو)، لغرض فحص العينات في المختبرات المرجعية العالمية".
كما وجّه السوداني وزارة الزراعة بجرد الأضرار وحصرها ومتابعة معدلات حدوثها وظهورها، وقد طمأنت اللجنة، المواطنين بأنّ هذا المرض الذي يصيب الماشية "لا ينتقل إلى الإنسان من خلال استهلاك المنتجات الحيوانية كاللحوم والحليب ومشتقاته، ولا يشكل خطراً على صحّة المستهلك".
وكانت وزارة الزراعة العراقية قد شكلت غرفة عمليات الحد من انتشار المرض، مبينة أن "الإصابات تركزت في الحيوانات غير الملقحة والمواليد الصغيرة، هناك إجراءات فنية ومهنية وفرض حجر، فضلاً عن تحديد حركة الحيوانات، الوفيات بلغت 654 في إحصائية أولية". واعتبرت أن "المعدل الحالي للإصابات لم يخرج عن 3.9% وهو ضمن المعدلات المقبولة، هناك قرارات ستصدر في القريب العاجل تدعم وتدفع الضرر عن المربين".
من جهتها، أكدت لجنة الزراعة، في البرلمان العراقي، عدم السيطرة على المرض، الذي انتشر في العديد من المحافظات، بما في ذلك العاصمة العراقية بغداد. وقال عضو اللجنة، ثائر الجبوري، في تصريح صحافي، إنه "حتى هذه اللحظة، لا توجد سيطرة على وباء الحمى القلاعية الذي انتشر في مناطق واسعة من البلاد، خاصة في مناطق الرصافة ببغداد، ما أدى إلى هلاك أعداد كبيرة وتكبد المربين خصوصاً مربي قطعان الجاموس، خسائر فادحة"، مبيناً أنه "من خلال المتابعة، لاحظنا أن دائرة البيطرة كانت متأخرة جداً في الإجراءات الاستباقية لتجنب مثل هذه الأوبئة التي تؤثر بشكل مباشر بالثروة الحيوانية".
وأشار إلى أن "الوباء سجل في العديد من المحافظات، لكن مناطق الرصافة ببغداد كانت الأكثر تضرراً، خاصة مع هلاك أعداد كبيرة لقطعان الجاموس، وهو ما سينعكس سلباً على الوضع الاقتصادي لعشرات وربما آلاف العوائل التي تعتمد على تربية الماشية والجاموس لتأمين مصادر رزقها". وأضاف "نسعى إلى طرح ملف تعويض المربين عن الخسائر الناتجة عن وباء الحمى القلاعية، لكن الوضع المالي للبلاد لا يساعد على المضي في هذا المسار، كما أن موازنات وزارة الزراعة لا تتحمل دفع تعويضات كبيرة، خاصة أن معدلات الهلاك مرتفعة، ولكننا نأمل أن يجري دعم هذه الخطوة في المستقبل".
من جهته، أكد الطبيب البيطري، بلال الحمداني، أن الاستعدادات العراقية لمواجهة المرض "ضعيفة"، مبيناً لـ"العربي الجديد"، أن "مرض الحمى القلاعية خطير للغاية وهو منتشر حالياً في معظم محافظات البلاد، وأن الإصابات بالآلاف"، مبيناً أن "وزارة الزراعة لم تستورد اللقاحات الكافية للتغلب على المرض، لا سيما أنها لقاحات غالية الثمن، ما يعني أننا سنواجه صعوبة كبيرة بالسيطرة عليه". وشدد على أن "المرض أهمل في السنتين الأخيرتين بعدما سجلت إصابات كبيرة في الأعوام السابقة، في وقت يحتاج إلى استراتيجية بعيدة المدى، من ناحية توفير العلاجات، وإجراء الفحوصات المستمرة على الحقول، ومنع تنقل المواشي بين المحافظات إلا بموافقات رسمية" وشدد على "ضرورة أن تتحمل الجهات المسؤولة، مسؤولية التصدي لهذا المرض الخطير".
والحمى القلاعية من الأمراض المعدية، تظهر الإصابة في الأبقار والجاموس على شكل قزح في اللثة ويتسبب بسيلان اللعاب، ويفقد الحيوان الشهية للأكل والشرب، ويصبح هزيلاً، كما أنه يصيب حوافر الحيوان بالتهابات تصل إلى درجة قلعها، ولذلك سمي بالحمى القلاعية.