تحدّيات أمام الحكومة العراقية

العربي الجديد

تحدّيات أمام الحكومة العراقية

  • منذ 3 يوم
  • العراق في العالم
حجم الخط:

يبدو للمراقب أن الحكومة العراقية تحاول التصرّف بقدرٍ عالٍ من الواقعية والبراغماتية بشأن قضايا الداخل أو القضايا الإقليمية، ولعلّ من أبرز الشواهد أنها تعمل من داخل المحور العربي فيما يتعلّق بالشأن السوري، ولا تتبنّى موقفاً عدائياً، كما هي أطراف تجلس في الكراسي الخلفية من المشهدين، السياسي والأمني، العراقيين. وهنا المفارقة، فهناك جهات رئيسة في المشهد السياسي العراقي، بل انبثقت منها الحكومة العراقية الحالية، تطلق تصريحات وتتبنّى مواقفَ صريحةً تتصادى مع الموقف الإيراني. وهنا السؤال: هل هو تقسيم للأدوار؟ وما هو الموقف الأكثر أصالةً، موقف الحكومة، أم موقف الأطراف المشكّلة للحكومة؟
كشف رئيس الوزراء محمّد شيّاع السوداني، في لقاءات تلفزيونية أخيراً، تصوّرات عملية، تحاول التركيز في التنمية والتطوير وتقديم الخدمات، أكثر من تبنّي مواقفَ سياسية حادّة، وعلّق كثيرون أن رئيس الوزراء يقوم بحملة ترويج انتخابي مبكّرة، وعزّز هذا الافتراض ظهوره بالملابس العربية، صباح عيد الفطر، بين أبناء مدينته العمارة في محافظة ميسان جنوبيّ العراق، ووزّع هدايا على شيوخ العشائر.
تبعاً لذلك؛ هناك من يعوّل على فوز التيّار السياسي الذي يمثّله السوداني في الانتخابات المقبلة، وتشكيل تحالف يضمن له ولايةً ثانية، ويعزّز المسار العملي الواقعي الذي يبدو عليه اليوم، ولكن؛ هل هذا تصوّر واقعي أم مفرط في التفاؤل؟... ورغم ابتسامته الهادئة والنبرة الواثقة والمطمئنة التي يظهر بها، فإن رئيس الوزراء وحكومته عايشا، خلال الأيام الماضية، تهديدَين جدّيَّين من القطبين الأكثر تأثيراً في الساحة العراقية؛ أميركا وإيران. فالأولى تواصل إرسال رسائل التحذير من مغبّة الاصطفاف مع النظام الإيراني، بل هناك نائب (جو ويلسن) قدّم مشروعاً للكونغرس لإقرار قانونٍ يحرّر العراق من قبضة إيران. في المقابل، حملت الأنباء تهديدات جديّة من الجانب الايراني بأنه سيتمّ التعامل مع العراق باعتباره دولةً عدوّةً إن صدرت من أراضيه تهديدات أميركية عسكرية، على هامش التصعيد الحاصل بين إيران وحكومة ترامب، واحتمالات توجيه ضربة أميركية للمنشآت النووية الايرانية في حال عدم التوصّل إلى اتفاقٍ سياسي بين الطرفَين.
الحكومة العراقية غير قادرة على تلبية الطلبين في وقت واحد، ولا تملك رفاهية أن تعلن أنها على الحياد، وسيتم توريط العراق (شاء أم أبى) في أتون الصراع المحتمل. لذلك، يبتهل كثيرون الى الله أن تمرّ المناوشات الكلامية بين أميركا وإيران على خير، وتُنجَز تسويّة جديدة تُجنّب المنطقة تبعات حرب لا يعرف أحد إلى أيّ مدىً يمكن أن تصل.
على جبهة "ثالثة"، تظاهر من أيام في بغداد، وفي محافظاتٍ عديدة، معلّمون وتربويون يطالبون بزيادة المخصّصات المالية، وبمساواتهم في سلّم الرواتب مع أقرانهم من موظفي القطاعات الأخرى. لم تسخن الأجواء كثيراً حتى الآن، ولم يتحوّل انقطاع الكهرباء إلى معضلة كبيرة، كما هو الحال مع كلّ صيف، وهو الموعد المُرجّح لاندلاع التظاهرات، ويبدو أن المعلّمين استبقوا الأحداث وبكّروا بالنزول إلى الساحات.
تحدّث رئيس الوزراء في لقاءاته التلفزيونية كثيراً عن الاستثمار وتنويع مصادر الدخل الوطني، ولكن الواقع يقول إننا ما زلنا في بلد ريعي، وما زالت الثقافة المجتمعية تنظر إلى الدولة على أنها مصدر الإنفاق، وكلّ "موظف" في الدولة يشعر أن من حقّه المطالبة بزيادة الأجور، حتى وإن كانت انتاجية مؤسّسات الدولة متدنّية جدّاً.
علّق بعضهم على الأزمة الجديدة؛ بأن استجابة رئيس الوزراء لمطالب المعلّمين قد ترجعهم إلى منازلهم، ولكن هذا سينبّه القطاعات الأخرى إلى فاعلية هذه الأداة (التظاهر)، وسيخرجون بدورهم. وإذا رفض الاستجابة، فلربما ستتطوّر التظاهرات صداماتٍ محرجةً للحكومة.



عرض مصدر الخبر



تطبيق موسوعة الرافدين




>